تساهم الاستثمارات المستدامة في تحقيق منافع إيجابية للمجتمع وتوفير عوائد قيّمة على رأس المال. ونقدّم فيما يلي شرحاً مفصلاً حول كل الجوانب التي ينبغي لسكان الإمارات معرفتها عن تلك الاستثمارات التي تمثل فئة أصول جديدة ورائجة.
تهدف الاستثمارات المستدامة إلى توجيه رؤوس أموال المستثمرين نحو شركات مُلتزمة بمكافحة التغير المناخي والتدهور البيئي، إضافة إلى دعم برامج المسؤولية المجتمعية. كما تُركز هذه الاستثمارات على الأنشطة المُرتبطة بمبادرات حوكمة الشركات والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، وتغطي أيضاً الاستثمارات الهادفة للتأثير بشكل إيجابي على المجتمع والبيئة، إضافة إلى التركيز على الأداء المثالي للأعمال وتحقيق الربحية.
وتجتذب الاستثمارات المستدامة الشركات من القطاعات كافة، وخاصة المهتمة بالتغير المناخي والطاقة المتجددة والصحة والسلامة وتنمية المجتمع.
اكتسبت الاستثمارات المستدامة رواجاً واسعاً بفضل تنامي الوعي حول تأثير البشر على البيئة. وفي ضوء ذلك، التزمت الشركات حول العالم بتقديم تقارير عن المؤشرات البيئية والاجتماعية وممارسات الحوكمة المرتبطة بأنشطتها، استجابة لمساءلة أصحاب المصلحة والأطراف المعنية، وتماشياً مع اتخاذ القرارات الاستهلاكية بناءً على البصمة البيئية للمنتجات.
وحرص أبناء جيل الألفية وما بعده على التمسّك بقيمهم ووعيهم الاجتماعي في إدارة محافظهم عند بدء أنشطتهم الاستثمارية. وتُظهر الدراسات أن المستثمرين من أبناء جيل الألفية هم أكثر ميلاً بمقدار مرتين عن الأجيال السابقة للاستثمار في شركات أو صناديق تهدف إلى تحقيق نتائج بيئية أو اجتماعية محددة.
كما يلعب التمويل المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية دوراً كبيراً في تعزيز انتشار الاستثمارات المستدامة، ولا سيما في دولة الإمارات التي تعتمد على مبادئ جوهرية في مجال الاستثمار الإسلامي. ورغم أن الأنشطة الاستثمارية المتنوعة في مبادرات حوكمة الشركات والمسؤولية الاجتماعية والبيئية تلقى أصداءً إيجابية في أساط المستثمرين الإسلاميين، غير أنها لا تتوافق بمجملها مع أحكام الشريعة الإسلامية.
من البديهي أن تُركز بعض الشركات على مجالات الاستدامة بحكم طبيعة عملها وأنشطتها. وينبغي للمستثمرين المُهتمين باستثمار أموالهم في فئات الأصول المستدامة التأكد من حصولهم على الاعتماد اللازم أو التوافق مع المعايير المطلوبة، ومنها معايير مؤشر مورغان ستانلي كابيتال إنترناشيونال المعني بالبيئة والمجتمع والحوكمة.
وتقوم منظمات غير ربحية عديد بتتبع الأموال وفقاً لمقاييس مختلفة، بما فيها مدى إزالة الغابات، أو المساواة بين الجنسين، أو الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية.
يرغب المستثمرون الخبراء باستكشاف فرص الاستثمار المتوفرة في مختلف فئات الأصول، مثل الأسهم أو السندات أو صناديق التحوط أو الصناديق المتداولة في البورصة أو صناديق المؤشرات أو الاستثمارات العقارية المستدامة.
ويمكن في هذا الإطار الاعتماد على نهجٍ مرن وغير تدخلي، يتضمن الاستعانة بمنصة استشارية آلية، تعتمد على خوارزميات حاسوبية وبرمجيات متقدمة تُساعد في إدارة المحافظ الاستثمارية. بالمقابل، تمثل النصائح البشرية من الخبراء والمختصين الخيار الأنسب للعديد من المستثمرين. وفي مثل هذه الحالات، يجدر الاستعانة بمستشار متخصص، مثل خبير تخطيط مالي معتمد ومتخصص بالاستثمارات المستدامة أو طلب المشورة من قسم إدارة الثروات في البنوك التي تتعاملون معها. ويوجد في الإمارات بنوك عديدة تحتوي أقساماً لإدارة الثروات وتوفر مستشارين متخصصين يعملون على إعداد وتطوير محافظ استثمارية مصممة لتُناسب احتياجات كل فرد.
وبصرف النظر عن المسار الاستثماري الذي ستختارونه، يجب دوماً استيعاب حقيقة أساسية وهي أن جميع الاستثمارات تنطوي على بعض أشكال المخاطرة، التي قد تشمل احتمال خسارة جزءٍ من رأس المال.